الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***
فائدة: قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمَعْنَاهُ في الصُّغْرَى والحاوى الْإِقْرَارُ الِاعْتِرَافُ وهو إظْهَارُ الْحَقِّ لَفْظًا وَقِيلَ تَصْدِيقُ المدعى حَقِيقَةً أو تَقْدِيرًا وَقِيلَ هو صِيغَةٌ صَادِرَةٌ من مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ رَشِيدٍ لِمَنْ هو أَهْلٌ لِلِاسْتِحْقَاقِ ما أَقَرَّ بِهِ غَيْرُ مُكَذِّبٍ لِلْمُقِرِّ وما أَقَرَّ بِهِ تَحْتَ حُكْمِهِ غَيْرُ مَمْلُوكٍ له وَقْتَ الْإِقْرَارِ بِهِ ثُمَّ قال قُلْت هو إظْهَارُ الْمُكَلَّفِ الرَّشِيدِ الْمُخْتَارِ ما عليه لَفْظًا أو كِتَابَةً في الْأَقْيَسِ أو إشَارَةً أو على مُوَكِّلِهِ أو مُوَلِّيهِ أو مَوْرُوثِهِ بِمَا يُمْكِنُ صِدْقُهُ فيه انتهى. قال في النُّكَتِ. قَوْلُهُ: أو كِتَابَةً في الْأَقْيَسِ ذَكَرَ في كِتَابِ الطَّلَاقِ أَنَّ الْكِتَابَةَ لِلْحَقِّ لَيْسَتْ إقْرَارًا شَرْعِيًّا في الْأَصَحِّ وَقَوْلُهُ أو إشَارَةً مُرَادُهُ من الْأَخْرَسِ وَنَحْوِهِ أَمَّا من غَيْرِهِ فَلَا أَجِدُ فيه خِلَافًا انتهى. وَذَكَرَ في الْفُرُوعِ في كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ أَنَّ في إقْرَارِهِ بِالْكِتَابَةِ وَجْهَيْنِ وَتَقَدَّمَ هذا هُنَاكَ قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْإِظْهَارُ لِأَمْرٍ مُتَقَدِّمٍ وَلَيْسَ بِإِنْشَاءٍ. قَوْلُهُ: يَصِحُّ الْإِقْرَارُ من كل مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ غَيْرِ مَحْجُورٍ عليه هذا الْمَذْهَبُ من حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُ الْأصحاب وقال في الْفُرُوعِ يَصِحُّ من مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ بِمَا يُتَصَوَّرُ منه الْتِزَامُهُ بِشَرْطِ كَوْنِهِ بيده وَوِلَايَتِهِ وَاخْتِصَاصِهِ لَا مَعْلُومًا قال وَظَاهِرُهُ وَلَوْ على مُوَكِّلِهِ أو مَوْرُوثِهِ أو مُوَلِّيهِ انتهى. وَتَقَدَّمَ كَلَامُ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ وقال في الْفُرُوعِ في كِتَابِ الْحُدُودِ وَقِيلَ يقبل [ويقبل] رُجُوعُ مُقِرٍّ بِمَالٍ وفي طَرِيقَةِ بَعْضِ الْأصحاب في مَسْأَلَةِ إقْرَارِ الْوَكِيلِ لو أَقَرَّ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ في مَالِ الصَّبِيِّ على الصَّبِيِّ بِحَقٍّ في مَالِهِ لم يَصِحَّ وَأَنَّ الْأَبَ لو أَقَرَّ على ابْنِهِ إذَا كان وَصِيًّا صَحَّ قال في الْفُرُوعِ وقد ذَكَرُوا إذَا اشْتَرَى شِقْصًا فَادَّعَى عليه الشُّفْعَةَ فقال اشْتَرَيْته لِابْنِي أو لِهَذَا الطِّفْلِ الْمُوَلَّى عليه فَقِيلَ لَا شُفْعَةَ لِأَنَّهُ إيجَابُ حَقٍّ في مَالِ الصَّغِيرِ بِإِقْرَارِ وَلِيِّهِ وَقِيلَ بَلَى لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الشِّرَاءَ فَصَحَّ إقْرَارُهُ فيه كَعَيْبٍ في مَبِيعِهِ وَذَكَرُوا لو ادَّعَى الشَّرِيكُ على حَاضِرٍ بيده نَصِيبَ شَرِيكِهِ الْغَائِبِ بِإِذْنِهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ منه وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِالشُّفْعَةِ فَصَدَّقَهُ أَخَذَهُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّ من بيده الْعَيْنُ يُصَدَّقُ في تَصَرُّفِهِ فِيمَا بيده كَإِقْرَارٍ بِأَصْلِ مِلْكِهِ وَكَذَا لو ادَّعَى أَنَّك بِعْت نَصِيبَ الْغَائِبِ بِإِذْنِهِ فقال نعم فإذا قَدِمَ الْغَائِبُ فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَيَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ على الشَّفِيعِ وقال الْأَزَجِيُّ ليس إقْرَارُهُ على مِلْكِ الْغَيْرِ إقْرَارًا بَلْ دَعْوَى أو شَهَادَةً يُؤْخَذُ بها إنْ ارْتَبَطَ بها الْحُكْمُ ثُمَّ ذَكَرَ ما ذَكَرَهُ غَيْرُهُ لو شَهِدَ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ فَرُدَّتْ ثُمَّ اشْتَرَيَاهُ صَحَّ كَاسْتِنْقَاذِ الْأَسِيرِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ مِلْكٍ لَهُمَا بَلْ لِلْبَائِعِ وَقِيلَ فيه لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا بَيْعَ في الطَّرَفِ الْآخَرِ وَلَوْ مَلَكَاهُ بِإِرْثٍ أو غَيْرِهِ عَتَقَ وَإِنْ مَاتَ الْعَتِيقُ وَرِثَهُ من رَجَعَ عن قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كان الْبَائِعُ رَدَّ الثَّمَنَ وَإِنْ رَجَعَا احْتَمَلَ أَنْ يُوقَفَ حتى يَصْطَلِحَا وَاحْتَمَلَ أَنْ يَأْخُذَهُ من هو في يَدِهِ بِيَمِينِهِ وَإِنْ لم يَرْجِعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَقِيلَ يُقَرُّ بِيَدِ من هو بيده وَإِلَّا لِبَيْتِ الْمَالِ وَقِيلَ لِبَيْتِ الْمَالِ مُطْلَقًا وقال الْقَاضِي لِلْمُشْتَرِي الْأَقَلُّ من ثَمَنِهِ أو التَّرِكَةُ لِأَنَّهُ مع صِدْقِهِمَا التَّرِكَةُ لِلسَّيِّدِ وَثَمَنُهُ ظُلْمٌ فَيَتَقَاصَّانِ وَمَعَ كَذِبِهِمَا هِيَ لَهُمَا وَلَوْ شَهِدَا بِطَلَاقِهَا فَرُدَّتْ فَبَذَلَا مَالًا لِيَخْلَعَهَا صَحَّ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنْ لم يذكر في كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ كان بِيَدِ الْمُقِرِّ وَأَنَّ الْإِقْرَارَ قد يَكُونُ إنْشَاءً لقوله تعالى: {قالوا أَقْرَرْنَا} فَلَوْ أَقَرَّ بِهِ وَأَرَادَ إنْشَاءَ تَمْلِيكٍ صَحَّ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وهو كما قال.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ غَيْرِ مَحْجُورٍ عليه شَمِلَ الْمَفْهُومُ مَسَائِلَ منها ما صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذلك وَمِنْهَا ما لم يُصَرِّحْ بِهِ فَأَمَّا الذي لم يُصَرِّحْ بِهِ فَهُوَ السَّفِيهُ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صِحَّةُ إقْرَارِهِ بِمَالٍ سَوَاءٌ لَزِمَهُ بِاخْتِيَارِهِ أو لَا قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ من سَفِيهٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وهو احْتِمَالٌ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في بَابِ الْحَجْرِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَتَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى في بَابِ الْحَجْرِ عِنْدَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فيه فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ فَكِّ حَجْرِهِ كما صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ.
فائدة: مِثْلُ إقْرَارِهِ بِالْمَالِ إقْرَارُهُ بِنَذْرِ صَدَقَةٍ بِمَالٍ فَيُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ إنْ لم نَقُلْ بِالصِّحَّةِ وَأَمَّا غَيْرُ الْمَالِ كَالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ وَالنَّسَبِ وَالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ فَيَصِحُّ وَيُتْبَعُ بِهِ في الْحَالِ وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الْحَجْرِ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ وَبِنِكَاحٍ إنْ صَحَّ وقال الْأَزَجِيُّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ كَإِنْشَائِهِ قال وَلَا يَصِحُّ من السَّفِيهِ إلَّا أَنَّ فيه احْتِمَالًا لِضَعْفِ قَوْلِهِمَا انتهى. فَجَمِيعُ مَفْهُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا غَيْرُ مُرَادٍ أو نَقُولُ وهو أَوْلَى مَفْهُومُ كَلَامِهِ مَخْصُوصٌ بِمَا صَرَّحَ بِهِ هُنَاكَ. قَوْلُهُ: فَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا له في الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ في قَدْرِ ما أُذِنَ له دُونَ ما زَادَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وهو مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ على ما مَرَّ في كِتَابِ الْبَيْعِ وقال أبو بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى لَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَأْذُونِ له إلَّا في الشَّيْءِ الْيَسِيرِ وَأَطْلَقَ في الرَّوْضَةِ صِحَّةَ إقْرَارِ مُمَيِّزٍ وقال ابن عَقِيلٍ في إقْرَارِهِ رِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا يَصِحُّ نَصَّ عليه إذَا أَقَرَّ في قَدْرِ إذْنِهِ وَحَمَلَ الْقَاضِي إطْلَاقَ ما نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ حتى يَبْلُغَ على غَيْرِ الْمَأْذُونِ قال الْأَزَجِيُّ هو حَمْلٌ بِلَا دَلِيلٍ وَلَا يُمْتَنَعُ أَنْ يَكُونَ في الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ الصِّحَّةُ وَعَدَمُهَا وَذَكَرَ الآدمي الْبَغْدَادِيُّ أَنَّ السَّفِيهَ وَالْمُمَيِّزَ إنْ أَقَرَّا بِحَدٍّ أو قَوَدٍ أو نَسَبٍ أو طَلَاقٍ لَزِمَ وَإِنْ أَقَرَّا بِمَالٍ أُخِذَ بَعْدَ الْحَجْرِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَإِنَّمَا ذلك في السَّفِيهِ وهو كما قال قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ هو غَلَطٌ وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ بَابِ الْحَجْرِ.
فائدة: لو قال بَعْدَ بُلُوغِهِ لم أَكُنْ حَالَ إقْرَارِي أو بَيْعِي أو شِرَائِي وَنَحْوِهِ بَالِغًا فقال في المغنى وَالشَّرْحِ لو أَقَرَّ مُرَاهِقٌ مَأْذُونٌ له ثُمَّ اخْتَلَفَ هو وَالْمُقَرُّ له في بُلُوغِهِ فَالْقَوْلُ. قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِبُلُوغِهِ وَلَا يَحْلِفُ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَا بَعْدَ ثُبُوتِ بُلُوغِهِ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ أَنَّهُ حين أَقَرَّ لم يَكُنْ بَالِغًا قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَتَوَجَّهُ وُجُوبُ الْيَمِينِ عليه قال في الْكَافِي فَإِنْ قال أَقْرَرْت قبل الْبُلُوغِ فَالْقَوْلُ. قَوْلُهُ: مع يَمِينِهِ إذَا كان إختلافهما بَعْدَ بُلُوغِهِ قال في الرِّعَايَةِ فَإِنْ بَلَغَ وقال أَقْرَرْت وأنا غَيْرُ مُمَيِّزٍ صُدِّقَ إنْ حَلَفَ وَقِيلَ لَا فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ في كِتَابَيْهِ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الصَّبِيِّ في عَدَمِ الْبُلُوغِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ. قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في الْخِيَارِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا في أَجَلٍ أو شَرْطٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ من يَنْفِيهِ وَقَدَّمَ في الْفُرُوعِ هُنَاكَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ. قَوْلُهُ: في دَعْوَى ذلك وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَاكَ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في الضَّمَانِ أَيْضًا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ ضَمِنَ قبل بُلُوغِهِ قال إبن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ لو ادَّعَى الْبَالِغُ أَنَّهُ كان صَبِيًّا حين الْبَيْعِ أو غير مَأْذُونٍ له أو غير ذلك وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي على الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في صُورَةِ دَعْوَى الصَّغِيرِ في رِوَايَةِ إبن مَنْصُورٍ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُ الْعُقُودِ على وَجْهِ الصِّحَّةِ دُونَ الْفَسَادِ وَإِنْ كان الْأَصْلُ عَدَمَ الْبُلُوغِ وَالْإِذْنِ قال وَذَكَرَ الْأصحاب وَجْهًا آخَرَ في دَعْوَى الصَّغِيرِ أَنَّهُ يُقْبَلُ لِأَنَّهُ لم يَثْبُتْ تَكْلِيفُهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ بِخِلَافِ دَعْوَى عَدَمِ الْإِذْنِ من الْمُكَلَّفِ فإن الْمُكَلَّفَ لَا يَتَعَاطَى في الظَّاهِرِ إلَّا الصَّحِيحُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهَكَذَا يَجِيءُ في الْإِقْرَارِ وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ إذَا اخْتَلَفَا هل وَقَعَتْ قبل الْبُلُوغِ أو بَعْدَهُ وقد سُئِلَ عَمَّنْ أَسْلَمَ أَبُوهُ فَادَّعَى أَنَّهُ بَالِغٌ فَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْقَوْلَ. قَوْلُهُ: وَأَفْتَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِأَنَّهُ إذَا كان لم يُقِرَّ بِالْبُلُوغِ إلَى حِينِ الْإِسْلَامِ فَقَدْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ قبل الْإِقْرَارِ بِالْبُلُوغِ بِمَنْزِلَةِ ما إذَا ادَّعَتْ إنقضاء الْعِدَّةِ بَعْدَ أَنْ ارْتَجَعَهَا قال وَهَذَا يَجِيءُ في كل من أَقَرَّ بِالْبُلُوغِ بَعْدَ حَقٍّ ثَبَتَ في حَقِّ الصَّبِيِّ مِثْلَ الْإِسْلَامِ وَثُبُوتِ أَحْكَامِ الذِّمَّةِ تَبَعًا لِأَبِيهِ أو لو إدعى الْبُلُوغَ بَعْدَ تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ وكان رَشِيدًا أو بَعْدَ تَزْوِيجِ وَلِيٍّ أَبْعَدَ منه انتهى. وقال في الْفُرُوعِ إن قال لم أَكُنْ بَالِغًا فَوَجْهَانِ وَإِنْ أَقَرَّ وَشَكَّ في بُلُوغِهِ فَأَنْكَرَهُ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ وقاله [قاله] في المغنى وَنِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ وَالْمُحَرَّرِ لِحُكْمِنَا بِعَدَمِهِ بِيَمِينِهِ وَلَوْ ادَّعَاهُ بِالسِّنِّ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ وقال في التَّرْغِيبِ يُصَدَّقُ صَبِيٌّ ادَّعَى الْبُلُوغَ بِلَا يَمِينٍ وَلَوْ قال أنا صَبِيٌّ لم يَحْلِفْ وَيُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ وقال في الرِّعَايَةِ من أَنْكَرَهُ وَلَوْ كان أَقَرَّ أو ادَّعَاهُ وَأَمْكَنَا حَلَفَ إذَا بَلَغَ وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ يُصَدَّقُ في سِنٍّ يَبْلُغُ في مِثْلِهِ وهو تِسْعُ سِنِينَ وَيَلْزَمُهُ بهذا الْبُلُوغِ ما أَقَرَّ بِهِ قال وَعَلَى قِيَاسِهِ الْجَارِيَةُ وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَنْبَتَ بِعِلَاجٍ وَدَوَاءٍ لَا بِالْبُلُوغِ لم يُقْبَلْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في فَتَاوِيهِ انتهى. ما نَقَلَهُ في الْفُرُوعِ وقال في الرِّعَايَةِ وَيَصِحُّ إقْرَارُ الْمُمَيِّزِ بِأَنَّهُ قد بَلَغَ بَعْدَ تِسْعِ سِنِينَ وَمِثْلُهُ يَبْلُغُ لِذَلِكَ وَقِيلَ بَلْ بَعْدَ عَشَرٍ وَقِيلَ بَلْ بَعْدَ ثِنْتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً وَقِيلَ بَلْ بِالِاحْتِلَامِ فَقَطْ وقال في التَّلْخِيصِ وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ في وَقْتِ إمْكَانِهِ صُدِّقَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي إذْ لَا يُعْلَمُ إلَّا من جِهَتِهِ وَإِنْ ادَّعَاهُ بِالسِّنِّ لم يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وقال النَّاظِمُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ أَنَّهُ بَلَغَ إذَا أَمْكَنَ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ فَإِنْ أَقَرَّ بِبُلُوغِهِ وهو مِمَّنْ يَبْلُغُ مِثْلُهُ كَابْنِ تِسْعِ سِنِينَ فَصَاعِدًا صَحَّ إقْرَارُهُ وَحَكَمْنَا بِبُلُوغِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه قُلْت الصَّوَابُ قَبُولُ قَوْلِهِ في الِاحْتِلَامِ إذَا أَمْكَنَ وَالصَّحِيحُ أَنَّ أَقَلَّ إمْكَانِهِ عَشَرُ سِنِينَ على ما تَقَدَّمَ فِيمَا يُلْحَقُ من النَّسَبِ وَعَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ في السِّنِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَأَمَّا بِنَبَاتِ الشَّعْرِ فَبِشَاهِدٍ.
فائدة: لو ادَّعَى أَنَّهُ كان مَجْنُونًا لم يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ يُقْبَلُ ايضا إنْ عُهِدَ منه جُنُونٌ في بَعْضِ أَوْقَاتِهِ وَإِلَّا فَلَا قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ قَبُولُهُ مِمَّنْ غَلَبَ عليه. قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ السَّكْرَانِ هذا إحْدَى الرِّوَايَاتِ قال أبن منجي هذا الْمَذْهَبُ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ إبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ذلك قَوْلُ الْأصحاب كُلِّهِمْ وَيَتَخَرَّجُ صِحَّتُهُ بِنَاءً على طَلَاقِهِ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ قُلْت قد تَقَدَّمَ في أَوَّلِ كِتَابِ الطَّلَاقِ أَنَّ في أَقْوَالِ السَّكْرَانِ وَأَفْعَالِهِ خَمْسُ رِوَايَاتٍ أو سِتَّةٌ وَأَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ مُؤَاخَذٌ بها فَيَكُونُ هذا التَّخْرِيجُ هو الْمَذْهَبُ. قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمُكْرَهِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِغَيْرِ ما أُكْرِهَ عليه مِثْلَ أَنْ يُكْرَهَ على الْإِقْرَارِ لِإِنْسَانٍ فَيُقِرَّ لِغَيْرِهِ أو على الْإِقْرَارِ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ فَيُقِرَّ بِطَلَاقِ غَيْرِهَا أو على الْإِقْرَارِ بِدَنَانِيرَ فَيُقِرَّ بِدَرَاهِمَ فَيَصِحُّ بِلَا نِزَاعٍ وَتُقْبَلُ دَعْوَى الْإِكْرَاهِ بِقَرِينَةٍ كَتَوْكِيلٍ بِهِ أو أَخْذِ مَالٍ أو تَهْدِيدِ قَادِرٍ قال الْأَزَجِيُّ لو أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَمَارَةِ الْإِكْرَاهِ اسْتَفَادَ بها أَنَّ الظَّاهِرَ معه فَيَحْلِفُ وَيُقْبَلُ. قَوْلُهُ: قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَيَتَوَجَّهُ لَا يَحْلِفُ.
فائدة: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ على بَيِّنَةِ الطَّوَاعِيَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَتَعَارَضَانِ وَتَبْقَى الطَّوَاعِيَةُ فَلَا يقضى بها. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ لِمَنْ لَا يَرِثُهُ صَحَّ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْأصحاب قال في الْكَافِي وَغَيْرِهِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ أَصَحُّهُمَا قَبُولُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَالْأُخْرَى لَا يَصِحُّ بِزِيَادَةٍ على الثُّلُثِ فَلَا مُحَاصَّةَ فَيُقَدَّمُ دَيْنُ الصِّحَّةِ وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: وَلَا يُحَاصُّ الْمُقَرُّ له غُرَمَاءَ الصِّحَّةِ بَلْ يَبْدَأُ بِهِمْ وَهَذَا مَبْنِيٌّ على الْمَذْهَبِ وهو الصَّحِيحُ قال الْقَاضِي وإبن الْبَنَّا هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وقال أبو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ وَالْقَاضِي يُحَاصُّهُمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَقَطَعَ بِهِ الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيُّ في مَوْضِعٍ وَاخْتَارَهُ إبن أبي مُوسَى قُلْت وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا رِوَايَتَانِ وفي الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَجْهَانِ.
فائدة: لو أَقَرَّ بِعَيْنٍ ثُمَّ بِدَيْنٍ أو عَكَسَهُ فَرَبُّ الْعَيْنِ أَحَقُّ بها وفي الثَّانِيَةِ احْتِمَالٌ في نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ يَعْنِي بِالْمُحَاصَّةِ كَإِقْرَارِهِ بِدَيْنٍ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ لم يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَنَصَّ عليه وقال أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ يَصِحُّ ما لم يَتَّهِمُ وِفَاقًا لِمَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَنَّ أَصْلَهُ من الْمَذْهَبِ وَصِيَّتُهُ لِغَيْرِ وَارِثٍ ثُمَّ يَصِيرُ وَارِثًا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ قُلْت وهو الصَّوَابُ وقال الْأَزَجِيُّ قال أبو بَكْرٍ في صِحَّةِ إقْرَارِهِ لِوَارِثِهِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا: لَا يَصِحُّ وَالثَّانِيَةُ يَصِحُّ لِأَنَّهُ يَصِحُّ بِوَارِثٍ وفي الصِّحَّةِ أَشْبَهَ الْأَجْنَبِيَّ وَالْأُولَى: أَصَحُّ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال قال في الْفُنُونِ يَلْزَمُهُ أَنْ يُقِرَّ وَإِنْ لم يُقْبَلْ وقال أَيْضًا إنْ كان حَنْبَلِيًّا اسْتَدَلَّ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِوَارِثِهِ في مَرَضِهِ بِالْوَصِيَّةِ له فقال حَنْبَلِيٌّ لو أَقَرَّ له في الصِّحَّةِ صَحَّ وَلَوْ نَحَلَهُ لم يَصِحَّ وَالنِّحْلَةُ تَبَرُّعٌ كَالْوَصِيَّةِ فَقَدْ افْتَرَقَ الْحَالُ لِلتُّهْمَةِ في أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ كَذَا في الْمَرَضِ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ التَّبَرُّعُ فِيمَا زَادَ على الثُّلُثِ لِأَجْنَبِيٍّ وَيَلْزَمُ الْإِقْرَارُ وقد افْتَرَقَ التَّبَرُّعُ وَالْإِقْرَارُ فِيمَا زَادَ على الثُّلُثِ كَذَا يَفْتَرِقَانِ في الثُّلُثِ لِلْوَارِثِ.
تنبيه: ظَاهِرُ قَوْلِهِ لم يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ بِإِجَازَةٍ وهو ظَاهِرُ نَصِّهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأصحاب وقال جَمَاعَةٌ من الْأصحاب يُقْبَلُ بِالْإِجَازَةِ قال الزَّرْكَشِيُّ لَا يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ على الْمَشْهُورِ من الْمَذْهَبِ بَلْ يَقِفُ على إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فَإِنْ أَجَازُوهُ جَازَ وَإِنْ رَدُّوهُ بَطَلَ وَلِهَذَا قال الْخِرَقِيُّ لم يَلْزَمْ بَاقِيَ الْوَرَثَةِ قَبُولُهُ. قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقِرَّ لِامْرَأَتِهِ بِمَهْرِ مِثْلِهَا فَيَصِحُّ يَعْنِي إقْرَارَهُ هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالْأَزَجِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي وابن رَزِينٍ وقال إجْمَاعًا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ لها مَهْرَ مِثْلِهَا بِالزَّوْجِيَّةِ لَا بِإِقْرَارِهِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ يَكُونُ من الثُّلُثِ وَنَقَلَ أَيْضًا لها مَهْرُ مِثْلِهَا وَأَنَّ على الزَّوْجِ الْبَيِّنَةَ بِالزَّائِدِ وَذَكَرَ أبو الْفَرَجِ في صِحَّتِهِ بِمَهْرِ مِثْلِهَا رِوَايَتَيْنِ.
فائدة: لو أَقَرَّتْ امْرَأَتُهُ أنها لَا مَهْرَ لها عليه لم يَصِحَّ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أنها أَخَذَتْهُ نَقَلَهُ مُهَنَّا. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ فَهَلْ يَصِحُّ في حَقِّ الاجنبي على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ أَحَدِهِمَا يَصِحُّ في حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُمْ قال في النُّكَتِ هذا هو الْمَنْصُورُ في الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابن رزين وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْهِدَايَةِ أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ وقال الْقَاضِي الصِّحَّةُ مَبْنِيَّةٌ على الْوَصِيَّةِ لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ إذَا عَزَاهُ إلَى سَبَبٍ وَاحِدٍ أو أَقَرَّ الْأَجْنَبِيُّ بِذَلِكَ وهو تَخْرِيجٌ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ فَصَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ غير وَارِثٍ لم يَصِحَّ إقْرَارُهُ وَإِنْ أَقَرَّ لِغَيْرِ وَارِثٍ صَحَّ وَإِنْ صَارَ وَارِثًا نَصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب قال في الْفُرُوعِ اُعْتُبِرَ بِحَالِ الْإِقْرَارِ لَا الْمَوْتِ على الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمَا وَاخْتَارَه ابن أبي مُوسَى وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ والمغنى وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الْمَوْتِ فَيَصِحُّ في الْأُولَى: وَلَا يَصِحُّ في الثَّانِيَةِ كَالْوَصِيَّةِ وهو رِوَايَةٌ مَنْصُوصَةٌ ذَكَرَهَا أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَمَنْ بَعْدَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَقَدَّمَ في الْمُسْتَوْعِبِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ لِوَارِثٍ ثُمَّ صَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ غير وَارِثٍ الصِّحَّةَ وَجَزَمَ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ بِالصِّحَّةِ فِيهِمَا قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُ الْأصحاب وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. بِعَدَمِ الصِّحَّةِ لَا يَلْزَمُ لَا أَنَّ مُرَادَهُمْ بُطْلَانُهُ لِأَنَّهُمْ قَاسُوهُ على الْوَصِيَّةِ وَلِهَذَا أَطْلَقَ في الْوَجِيزِ الصِّحَّةَ فِيهِمَا انتهى. فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو أَعْطَاهُ وهو غَيْرُ وَارِثٍ ثُمَّ صَارَ وَارِثًا ذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ. الثَّانِيَةُ: يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِأَخْذِ دَيْنِ صِحَّةٍ وَمَرَضٍ من أَجْنَبِيٍّ في ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَهُ الْقَاضِي وَأصحابهُ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال في الرِّعَايَةِ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِقَبْضِ مَهْرٍ وَعِوَضِ خُلْعٍ بَلْ حَوَالَةٌ وَمَبِيعٌ وَقَرْضٌ وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ قال في الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لَا يَصِحُّ لِوَارِثِهِ بِدَيْنٍ وَلَا غَيْرِهِ وَكَذَا قال في الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ إنْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَهَبَ أَجْنَبِيًّا في صِحَّتِهِ صَحَّ لَا أَنَّهُ وَهَبَ وَارِثًا وفي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ يَصِحُّ لِأَجْنَبِيٍّ كَإِنْشَائِهِ وَفِيهِ لِوَارِثٍ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ كَالْإِنْشَاءِ وَالثَّانِي يَصِحُّ وقال في النِّهَايَةِ أَيْضًا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ أَنَّهُ وَهَبَ أَجْنَبِيًّا في صِحَّتِهِ وَفِيهِ لِوَارِثٍ وَجْهَانِ وَصَحَّحَهُ في الِانْتِصَارِ لِأَجْنَبِيٍّ فَقَطْ وقال في الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لَا يَصِحُّ لِوَارِثِهِ بِدَيْنٍ وَلَا غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِوَارِثٍ صَحَّ هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا أَصَحُّ قال في الْمُحَرَّرِ وهو الْأَصَحُّ قال ابن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ وهو أَصَحُّ قال في الْفُرُوعِ فَيَصِحُّ على الْأَصَحِّ قال النَّاظِمُ هذا أَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ من نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قال في الْخُلَاصَةِ وَإِنْ أَقَرَّ بِوَارِثٍ صَحَّ في الْأَصَحِّ قال ابن رَزِينٍ هذا أَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ قَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَيَأْتِي قَرِيبًا لو أَقَرَّ من عليه الْوَلَاءُ بِنَسَبِ وَارِثٍ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ في صِحَّتِهِ لم يَسْقُطْ مِيرَاثُهَا هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب وقال الشِّيرَازِيُّ في الْمُنْتَخَبِ لَا تَرِثُهُ قُلْت وهو بَعِيدٌ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِحَدٍّ أو قِصَاصٍ أو طَلَاقٍ صَحَّ وَأَخَذَ بِهِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِقِصَاصٍ في النَّفْسِ فَنَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ اذا أَقَرَّ الْعَبْدُ بِحَدٍّ أو طَلَاقٍ أو قِصَاصٍ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ أُخِذَ بِهِ على الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب وَقِيلَ في إقْرَارِهِ بِالْعُقُوبَاتِ رِوَايَتَانِ وفي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِقَوَدٍ في النَّفْسِ فما دُونَهَا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أبو يَعْلَى بن أبي حَازِمٍ ذَكَرَهُ في التَّلْخِيصِ وَيَأْتِي قَرِيبًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ وَإِنْ أَقَرَّ بِقِصَاصٍ في النَّفْسِ لم يُقْتَصَّ منه في الْحَالِ وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ ابن رزين والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي الْكَبِيرُ وَجَمَاعَةٌ وَعَدَمُ صِحَّةِ إقْرَارِ الْعَبْدِ بِقَتْلِ الْعَمْدِ من الْمُفْرَدَاتِ وقال أبو الْخَطَّابِ يُؤْخَذُ بِالْقِصَاصِ في الْحَالِ وَاخْتَارَهُ ابن عقِيلٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ.
تنبيه: طَلَبُ جَوَابِ الدَّعْوَى من الْعَبْدِ وَمِنْ سَيِّدِهِ جميعا على الْأَوَّلِ وَمِنْ الْعَبْدِ وَحْدَهُ على الثَّانِي وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ له الْعَفْوُ على رَقَبَتِهِ أو مَالٌ على الثَّانِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ عليه بِذَلِكَ لم يُقْبَلْ إلَّا فِيمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فَيُقْبَلُ فِيمَا يَجِبُ فيه الْمَالُ وَهَكَذَا قال في الْكَافِي يَعْنِي إنْ أَقَرَّ على عَبْدِهِ بِمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ لم يُقْبَلْ منه في الْقِصَاصِ وَيُقْبَلُ منه فِيمَا يَجِبُ بِهِ من الْمَالِ فَيُؤْخَذُ منه دِيَةُ ذلك وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو احْتِمَالٌ في الشَّرْحِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ إقْرَارَ السَّيِّدِ على عَبْدِهِ فِيمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ لَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِمَا يُوجِبُ مَالًا كَالْخَطَأِ وَنَحْوِهِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن رزين وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى.
فائدة: لو أَقَرَّ الْعَبْدُ بِجِنَايَةٍ تُوجِبُ مَالًا لم يُقْبَلْ قَطْعًا قَالَهُ في التَّلْخِيصِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا فَرْقَ بين إقْرَارِهِ بِالْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَالِ وَبَيْنَ إقْرَارِهِ بِالْمَالِ وهو ظَاهِرُ ما روى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ له بِمَالٍ لم يُقْبَلْ في الْحَالِ وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه قال ابن منجا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وهو أَصَحُّ. وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي قال في التَّلْخِيصِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ قال في الْفُرُوعِ فَنَصُّهُ يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ وَعَنْهُ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ قال في التَّلْخِيصِ ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَلَا وَجْهَ لها عِنْدِي إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيمَا لَا تُهْمَةَ فيه كَالْمَالِ الذي أَقَرَّ بِسَرِقَتِهِ فإنه يُقْبَلُ في الْقَطْعِ وَلَا يُقْبَلُ في الْمَالِ لَكِنْ يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ انتهى. وَتَقَدَّمَ في آخِرِ الْحَجْرِ إقْرَارُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ له في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلْيُعَاوَدْ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِسَرِقَةِ مَالٍ في يَدِهِ وَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ قُبِلَ إقْرَارُهُ في الْقَطْعِ دُونَ الْمَالِ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ بن منجي وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والحاوى وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَقِيلَ لَا يُقْطَعُ وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ وَقِيلَ يُقْطَعُ بَعْدَ عِتْقِهِ لَا قَبْلَهُ.
فائدة: لو أَقَرَّ الْمُكَاتَبُ بِالْجِنَايَةِ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ، وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَبِرَقَبَتِهِ أَيْضًا وَقِيلَ لَا تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُ سَيِّدِهِ عليه بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ أو الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ بِمَالٍ لم يَصِحَّ وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لو أَقَرَّ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ لم يَصِحَّ على الْمَذْهَبِ وَهَذَا يَنْبَنِي على ثُبُوتِ مَالِ السَّيِّدِ في ذِمَّةِ الْعَبْدِ ابْتِدَاءً أو دَوَامًا وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ في الصَّدَاقِ انتهى. وَقِيلَ يَصِحُّ إنْ قُلْنَا يَمْلِكُ قوله وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ عَبْدَهُ من نَفْسِهِ بِأَلْفٍ وَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِهِ ثَبَتَ وَإِنْ أَنْكَرَ عَتَقَ ولم يَلْزَمْهُ الْأَلْفُ هذا الْمَذْهَبُ وَقَطَعَ بِهِ الْأصحاب لَكِنْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَحْلِفَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ والحاوى وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا.
فائدتان: إحْدَاهُمَا: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ لِعَبْدِ غَيْرِهِ بِمَالٍ صَحَّ وكان لِمَالِكِهِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا قُلْنَا يَصِحُّ قَبُولُ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ بِدُونِ إذْنِ السَّيِّدِ لم يَفْتَقِرْ الْإِقْرَارُ إلَى تَصْدِيقِ السَّيِّدِ قال وقد يقال بَلَى وَإِنْ لم نَقُلْ بِذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ قد تَمَلَّك مُبَاحًا فَأَقَرَّ بِعَيْنِهِ أو أَتْلَفَهُ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ. الثَّانِيَةُ: لو أَقَرَّ الْعَبْدُ بِنِكَاحٍ أو تَعْزِيرِ قَذْفٍ صَحَّ الْإِقْرَارُ وَإِنْ كَذَّبَهُ السَّيِّدُ قال الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْعَبْدِ دُونَ الْمَوْلَى قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهَذَا في النِّكَاحِ فيه نَظَرٌ فإن النِّكَاحَ لَا يَصِحُّ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ وفي ثُبُوتِهِ لِلْعَبْدِ على السَّيِّدِ ضَرَرٌ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِتَصْدِيقِهِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ لِبَهِيمَةٍ لم يَصِحَّ وهذا [هذا] الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَشَرْحِ ابن منجا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يَصِحُّ كَقَوْلِهِمْ بِسَبَبِهَا وَيَكُونُ لِمَالِكِهَا فَيُعْتَبَرُ تَصْدِيقُهُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ عن هذا الْقَوْلِ هذا الذي ذَكَرَهُ الْقَاضِي في ضِمْنِ مَسْأَلَةِ الْحَمْلِ وقال الْأَزَجِيُّ يَصِحُّ لها مع ذِكْرِ السَّبَبِ لِاخْتِلَافِ الْأَسْبَابِ
فائدتان: إحْدَاهُمَا: لو قال على كَذَا بِسَبَبِ الْبَهِيمَةِ صَحَّ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال في المغنى وَالشَّرْحِ لو قال على كَذَا بِسَبَبِ هذه الْبَهِيمَةِ لم يَكُنْ إقْرَارًا لِأَنَّهُ لم يذكر لِمَنْ هِيَ وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ ذِكْرُ الْمُقَرِّ له وَإِنْ قال لِمَالِكِهَا أو لِزَيْدٍ على بِسَبَبِهَا أَلْفٌ صَحَّ الْإِقْرَارُ فَإِنْ قال بِسَبَبِ حَمْلِ هذه الْبَهِيمَةِ لم يَصِحَّ إذْ لَا يُمْكِنُ إيجَابُ شَيْءٍ بِسَبَبِ الْحَمْلِ. الثَّانِيَةُ: لو أَقَرَّ لِمَسْجِدٍ أو مَقْبَرَةٍ أو طَرِيقٍ وَنَحْوِهِ وَذَكَرَ سَبَبًا صَحِيحًا كَغَلَّةِ وَقْفِهِ صَحَّ وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي قُلْت الصَّوَابُ الصِّحَّةُ وَيَكُونُ لِمَصَالِحِهَا وَاخْتَارَه ابن حَامِدٍ وقال التَّمِيمِيُّ لَا يَصِحُّ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ تَزَوَّجَ مَجْهُولَةَ النَّسَبِ فَأَقَرَّتْ بِالرِّقِّ لم يُقْبَلْ إقْرَارُهَا وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ أَيْضًا في الْمُحَرَّرِ والحاوى وَالْفُرُوعِ ذَكَرُوهُ في آخِرِ بَابِ اللَّقِيطِ وَعَنْهُ يُقْبَلُ في نَفْسِهَا وَلَا يُقْبَلُ في فَسْخِ النِّكَاحِ وَرِقِّ الْأَوْلَادِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى هُنَا وَالنَّظْمِ وَعَنْهُ يُقْبَلُ مُطْلَقًا.
تنبيه: قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْلَدَهَا بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَلَدًا كان رَقِيقًا مُرَادُهُ إذَا لم تَكُنْ حَامِلًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ فَإِنْ كانت حَامِلًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ فَهُوَ حُرٌّ قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَوَجَّهَ في النَّظْمِ أَنَّهُ يَكُونُ حُرًّا بِكُلِّ حَالٍ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِوَلَدِ أَمَتِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ ثُمَّ مَاتَ ولم يَتَبَيَّنْ هل أَتَتْ بِهِ في مِلْكِهِ أو غَيْرِهِ فَهَلْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَأَطْلَقَهُمَا في أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ أَحَدُهُمَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّاظِمُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ فَعَلَى هذا يَكُونُ عليه الْوَلَاءُ وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ في الْمُنْتَخَبِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ في بَابِ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَصَحَّحَهُ أَيْضًا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى هُنَاكَ في آخِرِ الْبَابِ وَصَحَّحَهُ في إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك في آخِرِ بَابِ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ أَصَابَهَا في مِلْكِ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: وإذا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِنَسَبِ صَغِيرٍ أو مَجْنُونٍ مَجْهُولِ النَّسَبِ أَنَّهُ ابْنُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ منه وَإِنْ كان مَيِّتًا وَرِثَهُ يَعْنِي الْمَيِّتَ الصَّغِيرَ وَالْمَجْنُونَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وجزم بِهِ في الْمُحَرَّرِ والحاوى وَشَرْحِ بن منجي وَالْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَقِيلَ لَا يَرِثُهُ إنْ كان مَيِّتًا لِلتُّهْمَةِ بَلْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ من غَيْرِ إرْثٍ وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ قُلْت وهو الصَّوَابُ.
فائدة: لو كَبُرَ الصَّغِيرُ وَعَقَلَ الْمَجْنُونُ وَأَنْكَرَ لم يُسْمَعْ إنْكَارُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَبْطُلُ نَسَبُ الْمُكَلَّفِ بِاتِّفَاقِهِمَا على الرُّجُوعِ عنه. قَوْلُهُ: وَإِنْ كان كَبِيرًا عَاقِلًا لم يَثْبُتْ نَسَبُهُ حتى يُصَدِّقَهُ وَإِنْ كان مَيِّتًا فَعَلَى وَجْهَيْنِ وأطلقهما بن منجي في شَرْحِهِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والحاوى أَحَدِهِمَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وهو ظَاهِرُ ما صَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْوَجْهِ الثَّانِي لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ
فائدتان: إحْدَاهُمَا: لو أَقَرَّ بِأَبٍ فَهُوَ كَإِقْرَارِهِ بِوَلَدٍ وقال في الْوَسِيلَةِ إنْ قال عن بَالِغٍ هو ابْنِي أو أبي فَسَكَتَ الْمُدَّعَى عليه ثَبَتَ نَسَبُهُ في ظَاهِرِ قَوْلِهِ. الثَّانِيَةُ: لَا يُعْتَبَرُ في تَصْدِيقِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ تَكْرَارُ التَّصْدِيقِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب فَيَشْهَدُ الشَّاهِدُ بِنَسَبِهِمَا بِمُجَرَّدِ التَّصْدِيقِ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ التَّكْرَارُ فَلَا يَشْهَدُ إلَّا بَعْدَ تَكْرَارِهِ قوله وَإِنْ أَقَرَّ بِنَسَبِ أَخٍ أو عَمٍّ في حَيَاةِ أبيه أو جَدِّهِ لم يُقْبَلْ وَإِنْ كان بَعْدَ مَوْتِهِمَا وهو الْوَارِثُ وَحْدَهُ صَحَّ إقْرَارُهُ وَثَبَتَ النَّسَبُ وَإِنْ كان معه غَيْرُهُ لم يَثْبُتْ النَّسَبُ وَلِلْمُقَرِّ له من الْمِيرَاثِ ما فَضَلَ في يَدِ الْمُقِرِّ هذا صَحِيحٌ وقد تَقَدَّمَ تَحْرِيرُ ذلك وما يَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ في بَابِ الْإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ في الْمِيرَاثِ وَشُرُوطُهُ بِمَا فيه كِفَايَةٌ فَلْيُرَاجَعْ.
فائدة: لو خَلَّفَ ابْنَيْنِ عَاقِلَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ صَغِيرٍ ثُمَّ مَاتَ الْمُنْكِرُ وَالْمُقِرُّ وَحْدَهُ وَارِثٌ ثَبَتَ نَسَبُ الْمُقَرِّ بِهِ مِنْهُمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَثْبُتُ لَكِنْ يُعْطِيهِ الْفَاضِلَ في يَدِهِ عن إرْثِهِ فَلَوْ مَاتَ الْمُقِرُّ بَعْدَ ذلك عن بَنِي عَمٍّ وكان الْمُقَرُّ بِهِ أَخًا وَرِثَهُ دُونَهُمْ على الْأَوَّلِ وَعَلَى الثَّانِي يَرِثُونَهُ دُونَ الْمُقَرِّ بِهِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ من عليه وَلَاءٌ بِنَسَبِ وَارِثٍ لم يُقْبَلْ إقْرَارُهُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ مَوْلَاهُ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَخُرِّجَ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قُلْت وهو قَوِيٌّ جِدًّا.
تنبيه: مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ أَقَرَّ من عليه وَلَاءٌ أَنَّهُ لو أَقَرَّ من لَا وَلَاءَ عليه وهو مَجْهُولُ النَّسَبِ بِنَسَبِ وَارِثٍ أَنَّهُ يُقْبَلُ وهو صَحِيحٌ إذَا صَدَّقَهُ وَأَمْكَنَ ذلك حتى أَخٌ أو عَمٌّ قوله وَإِنْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِنِكَاحٍ على نَفْسِهَا فَهَلْ يُقْبَلُ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ لِزَوَالِ التُّهْمَةِ بِإِضَافَةِ الْإِقْرَارِ إلَى شَرَائِطِهِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا يُقْبَلُ قال في الِانْتِصَارِ لَا يُنْكَرُ عَلَيْهِمَا بِبَلَدِ غُرْبَةٍ لِلضَّرُورَةِ وَأَنَّهُ يَصِحُّ من مُكَاتَبِهِ وَلَا يَمْلِكُ عَقْدَهُ انتهى. وَعَنْهُ يُقْبَلُ إنْ ادَّعَى زَوْجِيَّتَهَا وَاحِدٌ لَا اثْنَانِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأصحابهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى في مَكَان آخَرَ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ يَصِحُّ إقْرَارُ بِكْرٍ بِهِ وَإِنْ أَجْبَرَهَا الْأَبُ لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ بِمَا لَا إذْنَ له فيه كَصَبِيٍّ أَقَرَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَنَّ أَبَاهُ أَجَّرَهُ في صِغَرِهِ.
فائدة: لو ادَّعَى الزَّوْجِيَّةَ اثْنَانِ وَأَقَرَّتْ لَهُمَا وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا فَإِنْ جُهِلَ عُمِلَ بِقَوْلِ الْوَلِيِّ ذَكَرَهُ في الْمُبْهِجِ وَالْمُنْتَخَبِ وَنَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال في الرِّعَايَةِ يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ انتهى. وَإِنْ جَهِلَهُ فُسِخَا نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وقال في المغنى يَسْقُطَانِ وَيُحَالُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهَا ولم يذكر الْوَلِيَّ انتهى. وَلَا يَحْصُلُ التَّرْجِيحُ بِالْيَدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَاضِي أنها إذَا كانت بِيَدِ أَحَدِهِمَا مَسْأَلَةُ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ وَسَبَقَتْ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ في الْعَيْنِ بِيَدِ ثَالِثٍ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ الْوَلِيُّ عليها بِهِ قُبِلَ إنْ كانت مُجْبَرَةً وَإِلَّا فَلَا يَعْنِي وَإِنْ لم تَكُنْ مُجْبَرَةً لم يُقْبَلْ قَوْلُ الْوَلِيِّ عليها بِهِ فَشَمِلَ مَسْأَلَتَيْنِ في غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ إحْدَاهُمَا: أَنْ تَكُونَ مُنْكِرَةً لِلْإِذْنِ في النِّكَاحِ فَلَا يُقْبَلُ. قَوْلُهُ: عليها بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا وَالثَّانِيَةَ ان تَكُونَ مقره له بِالْإِذْنِ فيه فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ إقْرَارَ وَلِيِّهَا عليها بِهِ صَحِيحٌ مَقْبُولٌ نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ فُلَانَةَ إمرأته أو أَقَرَّتْ أَنَّ فُلَانًا زَوْجُهَا فلم يُصَدِّقْ الْمُقَرُّ له الْمُقِرَّ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ صَحَّ وَوَرِثَهُ قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ إذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِزَوْجِيَّةِ الْآخَرِ فَجَحَدَهُ ثُمَّ صَدَّقَهُ تَحِلُّ له بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ انتهى. وَشَمِلَ. قَوْلُهُ: فلم يُصَدِّقْ الْمُقَرُّ له إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ مَسْأَلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا: أَنْ يَسْكُتَ الْمُقَرُّ له إلَى أَنْ يَمُوتَ الْمُقِرُّ ثُمَّ يُصَدِّقُهُ فَهُنَا يَصِحُّ تَصْدِيقُهُ وَيَرِثُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَفِيهَا تَخْرِيجٌ بِعَدَمِ الْإِرْثِ الثَّانِيَةَ أَنْ يُكَذِّبَهُ الْمُقَرُّ له في حَيَاةِ الْمُقِرِّ ثُمَّ يُصَدِّقُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَهُنَا لَا يَصِحُّ تَصْدِيقُهُ وَلَا يَرِثُهُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ قال النَّاظِمُ وهو أَقْوَى وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ تَصْدِيقُهُ وَيَرِثُهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا قال في الرَّوْضَةِ الصِّحَّةُ قَوْلُ أصحابنَا قال في النُّكَتِ قَطَعَ بِهِ أبو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفُ في رؤوس الْمَسَائِلِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
فائدتان: إحْدَاهُمَا: في صِحَّةِ إقْرَارِ مُزَوَّجَةٍ بِوَلَدٍ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ إحْدَاهُمَا: يَلْحَقُهَا وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ في بَابِ ما يُلْحَقُ من النَّسَبِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ أَقَرَّتْ مُزَوَّجَةٌ بِوَلَدٍ لَحِقَهَا دُونَ زَوْجِهَا وَأَهْلِهَا كَغَيْرِ الْمُزَوَّجَةِ وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهَا وَقَدَّمَ ما قَدَّمَهُ في الْكُبْرَى في الصُّغْرَى والحاوى الصَّغِيرِ هُنَا وَقَدَّمَهُ النَّاظِمُ. الثَّانِيَةُ: لو ادَّعَى نِكَاحَ صَغِيرَةٍ بيده فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَفَسَخَهُ حَاكِمٌ فَلَوْ صَدَّقَتْهُ بَعْدَ بُلُوغِهَا قُبِلَ قال في الرِّعَايَةِ قُبِلَ على الْأَظْهَرِ قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ أَنَّ من أدعت أَنَّ فُلَانًا زَوْجُهَا فَأَنْكَرَ فَطَلَبَتْ الْفُرْقَةَ يُحْكَمُ عليه وَسُئِلَ عنها الْمُصَنِّفُ فلم يُجِبْ فيها بِشَيْءٍ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ الْوَرَثَةُ على مَوْرُوثِهِمْ بِدَيْنٍ لَزِمَهُمْ قَضَاؤُهُ من التَّرِكَةِ بِلَا نِزَاعٍ إنْ كان ثَمَّ تركه. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بَعْضُهُمْ لَزِمَهُ منه بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَمُرَادُهُ إذَا أَقَرَّ من غَيْرِ شَهَادَةٍ فَأَمَّا إذَا شَهِدَ منهم عَدْلَانِ أو عَدْلٌ وَيَمِينٌ فإن الْحَقَّ يَثْبُتُ قال في الْفُرُوعِ وفي التَّبْصِرَةِ إنْ أَقَرَّ منهم عَدْلَانِ أو عَدْلٌ وَيَمِينٌ ثَبَتَ وَمُرَادُهُ وَشَهِدَ الْعَدْلُ وهو مَعْنَى ما في الرَّوْضَةِ وقال في الرَّوْضَةِ أَيْضًا إنْ خَلَّفَ وَارِثًا وَاحِدًا لَا يَرِثُ كُلَّ الْمَالِ كَبِنْتٍ أو أُخْتٍ فَأَقَرَّ بِمَا يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ أَخَذَ رَبُّ الدَّيْنِ كُلَّ ما في يَدِهَا قال في الْفُرُوعِ في بَابِ الْإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ في الْمِيرَاثِ وَعَنْهُ إنْ أَقَرَّ إثنان من الْوَرَثَةِ على أَبِيهِمَا بِدَيْنٍ ثَبَتَ في حَقِّ غَيْرِهِمْ إعْطَاءً له حُكْمَ الشَّهَادَةِ وفي اعْتِبَارِ عَدَالَتِهِمَا الرِّوَايَتَانِ وَتَقَدَّمَ هذا هُنَاكَ بِزِيَادَةٍ.
فائدة: يُقَدَّمُ ما ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمَيِّتِ على ما ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْوَرَثَةِ إذَا حَصَلَتْ مُزَاحَمَةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ ما ثَبَتَ بِإِقْرَارِ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ على ما ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمَيِّتِ قال في الْفُرُوعِ وَيَحْتَمِلُ التَّسْوِيَةَ وَذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ وَجْهًا وَيُقَدَّمُ ما ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ عَلَيْهِمَا نَصَّ عليه. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ لِحَمْلِ إمرأة صَحَّ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ أَقَرَّ لِحَمْلِ إمرأة بِمَالٍ صَحَّ في الْأَصَحِّ قال في النُّكَتِ هذا هو الْمَشْهُورُ نَصَرَهُ الْقَاضِي وابو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفُ وَغَيْرُهُمْ قال إبن منجي هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ إبن عَبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَاخْتَارَهُ إبن حَامِدٍ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ قال في النُّكَتِ وَلَا أَحْسِبُ هذا قَوْلًا في الْمَذْهَبِ قال أبو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ إلَّا أَنْ يَعْزِيَهُ إلَى سَبَبٍ من إرْثٍ أو وَصِيَّةٍ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا على حَسَبِ ذلك وقال إبن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ يَصِحُّ بِمَالٍ لِحَمْلٍ يَعْزُوهُ ثُمَّ ذَكَرَ خِلَافًا في اعْتِبَارِهِ من الْمَوْتِ أو من حِينِهِ وقال الْقَاضِي إنْ أَطْلَقَ كُلِّفَ ذِكْرَ السَّبَبِ فَيَصِحُّ ما يَصِحُّ وَيَبْطُلُ ما يَبْطُلُ وَلَوْ مَاتَ قبل أَنْ يُقِرَّ بَطَلَ قال الْأَزَجِيُّ كَمَنْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ فَرَدَّهُ وَمَاتَ الْمُقِرُّ وقال الْمُصَنِّفُ كَمَنْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ لَا يُعْرَفُ من أَرَادَ بِإِقْرَارِهِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال قال وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ هل يَأْخُذُهُ حَاكِمٌ كَمَالٍ ضَائِعٍ فيه الْخِلَافُ
فائدتان: إحْدَاهُمَا: قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ وَاخْتُلِفَ في مَأْخَذِ الْبُطْلَانِ فَقِيلَ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ فَلَوْ صَحَّ الْإِقْرَارُ له تَمَلَّكَ بِغَيْرِهِمَا وهو فَاسِدٌ فإن الْإِقْرَارَ كَاشِفٌ لِلْمِلْكِ وَمُبَيِّنٌ له لَا مُوجِبٌ له وَقِيلَ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَى الْعَالِمِ وَنَحْوِهَا وَهِيَ مُسْتَحِيلَةٌ مع الْحَمْلِ وهو ضَعِيفٌ فإنه إذَا صَحَّ له الْمِلْكُ تَوَجَّهَ حَمْلُ الْإِقْرَارِ مع الْإِطْلَاقِ عليه وَقِيلَ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لِلْحَمْلِ تَعْلِيقٌ له على شَرْطِ الْوِلَادَةِ لانه لَا يَمْلِكُ بِدُونِ خُرُوجِهِ حَيًّا وَالْإِقْرَارُ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ إبن عَقِيلٍ وَهِيَ أَظْهَرُ وَتَرْجِعُ الْمَسْأَلَةُ حِينَئِذٍ إلَى ثُبُوتِ الْمِلْكِ له وَانْتِقَالِهِ انتهى. الثَّانِيَةُ: لو قال لِلْحَمْلِ عَلَيَّ أَلْفٌ جَعَلْتهَا له وَنَحْوَهُ فَهُوَ وَعْدٌ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ يَلْزَمُهُ كَقَوْلِهِ له عَلَيَّ أَلْفٌ أَقْرَضَنِيهِ عِنْدَ غَيْرِ التَّمِيمِيِّ وَجَزَمَ بِهِ الْأَزَجِيُّ لَا يَصِحُّ كأقرضني أَلْفًا. قَوْلُهُ: وَإِنْ وَلَدَتْ حَيًّا وَمَيِّتًا فَهُوَ لِلْحَيِّ بِلَا نِزَاعٍ حَيْثُ قُلْنَا يَصِحُّ. قَوْلُهُ: وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا حَيَّيْنِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى ذَكَرَهُ إبن حَامِدٍ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى والحاوى وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَتَقَدَّمَ في كَلَامِ التَّمِيمِيِّ.
تنبيه: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم يَعْزِهِ إلَى ما يَقْتَضِي التَّفَاضُلَ فَأَمَّا إنْ عَزَاهُ إلَى ما يقتضى التَّفَاضُلَ كَإِرْثٍ وَوَصِيَّةٍ عُمِلَ بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْقَاضِي. قَوْلُهُ: وَمَنْ أَقَرَّ لِكَبِيرٍ عَاقِلٍ بِمَالٍ فلم يُصَدِّقْهُ بَطَلَ إقْرَارُهُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ قال في الْمُحَرَّرِ هذا الْمَذْهَبُ قال في النَّظْمِ هذا الْمَشْهُورُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُصُولِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وفي الْآخَرِ يُؤْخَذُ الْمَالُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُقَرُّ بيده وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي أَيُّهُمَا غَيَّرَ قَوْلَهُ لم يُقْبَلْ وَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ عَادَ الْمُقِرُّ فَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ أو الثَّالِثُ قُبِلَ منه ولم يُقْبَلْ بَعْدَهَا عَوْدُ الْمُقَرِّ له أَوَّلًا إلَى دَعْوَاهُ وَلَوْ كان عَوْدُهُ إلَى دَعْوَاهُ قبل ذلك فَفِيهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ وَجَزَمَ في الْمُنَوِّرِ بِعَدَمِ الْقَبُولِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَلَوْ كان الْمُقِرُّ عَبْدًا أو دُونَ الْمُقَرِّ بِأَنْ أَقَرَّ بِرِقِّهِ لِلْغَيْرِ فَهُوَ كَغَيْرِهِ من الْأَمْوَالِ على الْأَوَّلِ وَعَلَى الثَّانِي يُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِمَا ذَكَرَ ذلك في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ.
تَنْبِيهٌ: تَقَدَّمَ في صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ هل يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْخَطِّ وَتَقَدَّمَ أَيْضًا في أَوَّلِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَى عليه أَلْفًا فقال نعم أو أَجَلْ أو صَدَقْت أو أنا مُقِرٌّ بها أو بِدَعْوَاك كان مقرى بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ قال أنا أُقِرُّ أو لَا أُنْكِرُ لم يَكُنْ مقرى وهو الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ لم يَكُنْ مقرى في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يَكُونُ مقرى جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ في قَوْلِهِ إنِّي أُقِرُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وقال الْأَزَجِيُّ إنْ قال أنا أُقِرُّ بِدَعْوَاك لَا يُؤَثِّرُ وَيَكُونُ مقرى في قَوْلِهِ لَا أُنْكِرُ. قَوْلُهُ: وَإِنْ قال يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُحِقًّا أو عَسَى أو لَعَلَّ أو أَظُنُّ أو أَحْسِبُ أو أُقَدِّرُ أو خُذْ أو اتَّزِنْ أو اُحْرُزْ أو افْتَحْ كُمَّك لم يَكُنْ مقرى بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ: وَإِنْ قال أنا مُقِرٌّ أو خُذْهَا أو اتَّزِنْهَا أو اقْبِضْهَا أو أَحْرِزْهَا أو هِيَ صِحَاحٌ فَهَلْ يَكُونُ مقرى على وَجْهَيْنِ وأطلقهما في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ في ذلك إلَّا في قَوْلِهِ أنا مُقِرٌّ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ في قَوْلِهِ خُذْهَا أو اتَّزِنْهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْخُلَاصَةِ في قَوْلِهِ أنا مُقِرٌّ أَحَدُهُمَا يَكُونُ مقرى وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ في قَوْلِهِ إنِّي مُقِرٌّ وَجَزَمَ بِهِ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَكُونُ مقرى جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَجَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ في غَيْرِ قَوْلِهِ إنِّي مُقِرٌّ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي في قَوْلِهِ خُذْهَا أو اتَّزِنْهَا أو هِيَ صِحَاحٌ قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ في قَوْلِهِ أنا مُقِرٌّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ.
فوائد: الْأُولَى: قال ابن الزَّاغُونِيِّ قوله كَأَنِّي جَاحِدٌ لَك أو كَأَنِّي جَحَدْتُك حَقَّك اقوى في الْإِقْرَارِ من قَوْلِهِ خُذْهُ. الثَّانِيَةُ: لو قال أَلَيْسَ لي عَلَيْك أَلْفٌ فقال بَلَى فَهُوَ إقْرَارٌ وَلَا يَكُونُ مقرى بِقَوْلِهِ نعم قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَكُونَ مقرى من عَامِّيٍّ كَقَوْلِهِ عَشَرَةٌ غَيْرُ دِرْهَمٍ يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ قُلْت هذا التَّوْجِيهُ عَيْنُ الصَّوَابِ الذي لَا شَكَّ فيه وَلَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ وَلَا يَعْرِفُ ذلك إلَّا الْحُذَّاقُ من أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فَكَيْفَ يُحْكَمُ بِأَنَّ الْعَامِّيَّ يَكُونُ كَذَلِكَ هذا من أَبْعَدِ ما يَكُونُ وَتَقَدَّمَ في بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ ما يُؤَيِّدُ ذلك قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ في غَيْرِ الْعَامِّيِّ احْتِمَالٌ وما هو بِبَعِيدٍ وفي نِهَايَةِ ابن رزين إذَا قال لي عَلَيْك كَذَا فقال نعم أو بَلَى فَمُقِرٌّ وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ لَفْظُ الْإِقْرَارِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الدَّعْوَى فإذا قال لي عَلَيْك كَذَا فَجَوَابُهُ نعم وكان إقْرَارًا وَإِنْ قال أَلَيْسَ لي عَلَيْك كَذَا كان الْإِقْرَارُ بِ بَلَى وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في أَوَائِلِ بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ. الثَّالِثَةُ: لو قال أَعْطِنِي ثَوْبِي هذا أو اشْتَرِ ثَوْبِي هذا أو أَعْطِنِي أَلْفًا من الذي لي عَلَيْك أو قال لي عَلَيْك أَلْفٌ أو هل لي عَلَيْك أَلْفٌ فقال في ذلك كُلِّهِ نعم أو أَمْهِلْنِي يَوْمًا أو حتى أَفْتَحَ الصُّنْدُوقَ أو قال له عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ أو إلَّا أَنْ أَقُومَ أو في عِلْمِ اللَّهِ فَقَدْ أَقَرَّ بِهِ في ذلك كُلِّهِ وَإِنْ قال له عَلَيَّ أَلْفٌ فِيمَا أَظُنُّ لم يَكُنْ مقرى. قَوْلُهُ: وَإِنْ قال له عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدْ اقر بها وَنَصَّ عليه وَكَذَا إنْ قال له عَلَيَّ أَلْفٌ لَا يَلْزَمُنِي إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وهو الْمَذْهَبُ فِيهِمَا وَعَلَيْهِ الْأصحاب وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ في قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَفِيهِمَا احْتِمَالٌ لَا يَكُونُ مقرى بِذَلِكَ.
فائدة: لو قال بِعْتُك أو زَوَّجْتُك أو قَبِلْت إنْ شَاءَ اللَّهُ صَحَّ كَالْإِقْرَارِ قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ كما لو قال أنا صَائِمٌ غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَصِحُّ نِيَّتُهُ وَصَوْمُهُ وَيَكُونُ ذلك تَأْكِيدًا وقال الْقَاضِي يَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَصِحَّ الْعُقُودُ لِأَنَّ له الرُّجُوعَ بَعْدَ إيجَابِهَا قبل الْقَبُولِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ وقال في الْمُجَرَّدِ في بِعْتُك أو زَوَّجْتُك إنْ شَاءَ اللَّهُ أو بِعْتُك إنْ شِئْت فقال قَبِلْت إنْ شَاءَ اللَّهُ صَحَّ انتهى. قَوْلُهُ: وَإِنْ قال إنْ قَدِمَ فُلَانٌ فَلَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ لم يَكُنْ مقرى يَعْنِي إذَا قَدَّمَ الشَّرْطَ وَكَذَا في نَظَائِرِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقِيلَ يَصِحُّ في قَوْلِهِ إنْ جاء وَقْتُ كَذَا فعلى لِفُلَانٍ كَذَا وسيحكى الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ في نَظِيرَتِهَا. قَوْلُهُ: وَإِنْ قال له على أَلْفٌ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ فَعَلَى وَجْهَيْنِ يَعْنِي إذَا أَخَّرَ الشَّرْطَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ أَحَدُهُمَا لَا يَكُونُ مقرى وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَنَصَرَهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَكُونُ مقرى وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي.
فائدة: مِثْلُ ذلك في الْحَكَمِ لو قال له عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ جاء الْمَطَرُ أو شَاءَ فُلَانٌ خِلَافًا وَمَذْهَبًا. قَوْلُهُ: وَإِنْ قال له عَلَيَّ أَلْفٌ إذَا جاء رَأْسُ الشَّهْرِ كان إقْرَارًا وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قال أصحابنَا هو إقْرَارٌ قال في الْمُحَرَّرِ فَهُوَ إقْرَارٌ وَجْهًا وَاحِدًا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَفِيهَا تَخْرِيجٌ في الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَهَا وَأَطْلَقَ في التَّرْغِيبِ فيها وَجْهَيْنِ وَذَكَرَ الشَّارِحُ احْتِمَالًا بِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ فِيهِمَا وَجْهَانِ.
فائدة: لو فَسَّرَهُ بِأَجَلٍ أو وَصِيَّةٍ قُبِلَ منه. قَوْلُهُ: وَإِنْ قال إذَا جاء رَأْسُ الشَّهْرِ فَلَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فَعَلَى وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ بن منجي وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ أَحَدُهُمَا لَا يَكُونُ مقرى وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قال أصحابنَا ليس بِإِقْرَارٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ والهادى وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَكُونُ إقْرَارًا وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ قال له عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ لم يَكُنْ مقرى وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالنَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَنَصَرَهُ وَقِيلَ يَكُونُ مقرى اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى. قَوْلُهُ: وَإِنْ قال إنْ شَهِدَ فُلَانٌ فَهُوَ صَادِقٌ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ أَحَدُهُمَا يَكُونُ مقرى في الْحَالِ وَإِنْ لم يَشْهَدْ بها عليه لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ صِدْقُهُ إلَّا مع ثُبُوتِهِ فَيَصِحُّ إذَنْ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَكُونُ مقرى وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ.
|